اللهم صل ّ على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ..
قصة قرأتها قبل فترة في أحد الكتب وأحببت نقلها لكم ..
تقول صاحبة القصة:
أنا فتاة في التاسعة عشر ..
قبل أن أقع في حبائل الشيطان قرأت كثيرا ً عن مصائر الفتيات
والفتيان ممن وقعوا في مصائد إبليس ..
وكنت أتأثر بشدة لذلك .. وكنت أحس بالشفقة والرحمة لهؤلاء
فأردت أن أقدم نصحي لمن يفتح عقله وقلبه للكلمة الطيبة ..
لم أسجل على نفسي أية نقطة ضعف
في أخلاقي طوال دراستي الثانوية وقبلها ..
وكنت أنفر من أن يكون لي أصدقاء من الشبان
وكنت على حذر في علاقاتي مع الفتيات اللائي لهن مثل
هذا السلوك ,,
ومع ذلك فقد ابتليت بذلك وأدركت بعدها أنه لا مفر
في بعض الأحيان من الابتلاء ,,
وعرفت أن البعض لا يبتلى بهذ المشكلات لأنه سيء في ذاته
بل إن هناك بعض الأسباب الأخرى ..
مثل الاعتداد بالنفس أكثر مما ينبغي
وقد كانت نقطة الضعف الكبرى في حياتي
ومن هنا بدأت محنتي ....
بدأت حكايتي في العام الماضي عندما أنهيت الثانوية
وبدأت اختبارات القبول في الجامعة ..
فشلت في الامتحان ,, فقررت البحث عن عمل
ووافق أبي على ذلك ,, أما أمي فقد كانت متحفظة
إزاء محيط العمل ,, قالت لي :
_ لماذا تفعلين ذلك , اجلسي في البيت
وادرسي للإمتاح القادم فقد تنجحين ..
أنت شابة ولا يصلح للشابة أن تعمل في كل محيط ,,
وكانت نقطة ضعفي أنني معتدة بنفسي بلا حدود
وهي مسألة لم أكن أنتبه لها ..
غطى عليها تصميم استحوذ على وجودي
بأن أعتمد على نفسي وأقف على قدمي ّ ..
وهكذا رحت أتصفح إعلانات الجرائد ووقعت عيني
على إعلان يتضمن رقم هاتف ..
واتصلت بالشركة وتقرر موعد المقابلة ,,
حاولت أمي أن تثنيني عن عزمي
ولكن دون جدوى فقد كان المرتب المقرر جيدا ً ..!!..
وهكذا التحقت بالشركة ,, وبعدها حالفني الحظ وقبلت بالجامعة
فرأتها أمي فرصة مناسبة لتنصحني بالتفرغ للدراسة الجامعية
وترك العمل ,,
لكن شخصيتي التي امتلأت بالاعتداد جعلتني أعطي أذنا ً
صماء لنصائح أمي ..
في عملي بالشركة كنت على حذر من إقامة أية علاقات ..
وكان من بين العاملين في الشركة شاب
في مثل عمري تقريبا ً اسمه " هاني "
كان يحاول فتح الأحاديث معي بكل وسيلة ,,
كنت أتعامل معه ببرود ثم شيئا ً فشيئا ً
بدأت أكترث له وكنت أجيب عن أسئلته
وعرف عني كل شيء ..
اسمي وعنوان منزلي ودراستي الجامعية ..
وشعرت فيما بعد أن هاني يستحوذ على ذهني
وتفكيري .. وكنت في بعض الليالي أستعيد حديثي معه
وكنت ألوم نفسي لأنني قد تجاوزت الحدود في انسياقي معه في الحديث ..
وكان من بين زميلاتي في الشركة سيدة إسمها " سارة "
متزوجة ولها أبناء ,,
كانت كثيرا ً ما تتزلف لدي وتحدثني بمناسبة وبغير مناسبة عن هاني
كان لحديثها الأثر في قلبي فقد شعرتت أن هاني يملأ كل وجودي
ووصلت علاقتنا إلى المزاح ..
كان يحضر معه الطعام كل يوم ويدعوني لمشاركته ..
وأصبحت ألبي دعوته دون حرج ..
وعندما أعود للمنزل كنت ألوم نفسي ..
وكنت أدرك أن ما أقوم به يسعد ابليس ..
وكانت السيدة سارة تذكي نار العشق المزعوم بيننا ..
وجاءت سارة لتقترح علي الذهاب إلى السوق لشراء
بعض اللوازم ,, ووافقت شرط أن تسمح لي أمي بذلك
ووافقت أمي بعد أن عرفت أن سارة سيدة متزوجة
فليس هناك ما يدعو للقلق ..
وأخبرت سارة بذلك في اليوم التالي , وقلت لها أنني مستعدة
للذهاب للسوق ..
وفوجئت باعتذارها عن ذلك بسبب بعض المشاغل
وأنها قد كلفت هاني بذلك ..!!..
انخطف لوني ,, ولكنها بدأت تتحدث عن متعة الذهاب
إلى السوق برفقة شاب ..
ووافقت على ذلك لأنني كنت معتدة بنفسي ..
ومرت ساعات لأجد نفسي وجها ً لوجه مع هاني في مطعم نتحدث
وهكذا أصبح لي صديق شاب لا أعرف عنه سوى اسمه ولقبه ..
أتممنا تناول الطعام ,, وبدأ المطر ينهمر ,,
وبدت الطبيعة تتظافر لتفتح أمامي طريق السقوط ,,
وانتهز هاني حالة الطقس ليقترح علي الذهاب
لمنزله القريب من المطعم ..
رفضت ذلك بدءا ً لكن الشيطان وسوس لي أن هذا العمل أفضل من المطر !!
عندما وصلت إلى بيته أدركت أن أحدا ً من أهله غير موجود
وأن المنزل خال ٍ ,,
شعرت برعب ,, وقلت :
_ يجب أن أعود إلى البيت بسرعة ,, لقد وعدت أمي بذلك ..
عرف هاني أنني خائفة فأكد لي أنه سيوصلني
للمنزل بمجرد توقف المطر ..
قدم لي بعض الفاكهة ثم اختفى في إحدى الغرف
وقلت لنفسي :
_ ماذا تفعلين هنا مع شاب غريب في بيت مهجور
ألم تعدي أمك بأنك ستذهبين للسوق مع امرأة متزوجة
وها أنت في منزل خال ٍ إلى جانب رجل أجنبي ..
انتبهت إلى وجود مجلات مبعثرة عرفت من خلال
أغلفتها ما تحتويه ,, كانت صور هابطة خليعة مبتذلة
ونظرت إلى هاني بقلق ,, ورأيت ابتسامة الشيطان
ترتسم على شفتيه ..
وقال بمكر :
_ تصفحي هذه المجلات ريثما أعد القهوة ,,
شعرت بالرعب يحاصرني وشعرت لوهلة أنني لن أستطيع التحمل أكثر من هذا
ولكي لا يظهر من خلال رد فعلي شيء مريب ابتسمت له ..
فمضى مطمئنا ً إلى المطبخ ,,
في تلك اللحظة قفزت من مكاني وغادرت المنزل
لأتنفس الصعداء في الشارع ..
وشعرت أنني نجوت من فخ ٍ رهيب ,,
في المساء تدهورت حالتي وجاءت أمي عند وسادتي حاولت أن تعرف ما بي ..
أصبت بالحمى وظنت أمي أن ذلك بسبب البرد والمطر ..
في الصباح لم أجد في نفسي رغبة في الذهاب للشركة
فاتخذت من المرض ذريعة في لزوم البيت ..
وفي اليوم الذي ذهبت فيه لتسوية الحساب مع الشركة ,,
وودت أن تقع عيني على تلك السيدة ذات الاسم الجميل
والنفس القبيحة ,, وذلك الشاب الحقير ..
كنت أشعر بالخوف حقا ً .. ولم أرهما هذا الصباح
ولدى خروجي من الشركة سألت الحارس عنهما فأخبرني
أنهما خرجا في وقت متقارب ..
وحدست بأنهما قد ذهبا لذلك المطعم المشؤوم ..
فذهبت إلى هناك ورحت أراقب من خلال كابينة الهاتف ..
كانا يجلسان سويا ً على ذات الطاولة
وكانت أصداء ضحكاتهما لا تصل إلي .. لكنني كنت أشعر بلسعاتها ..
وفكرت في طريق عودتي بالورطة التي كدت أن أسقط فيها
وبحثت عن جذور ذلك المسلك مني ..
هل هو الإعراض عن نصائح الوالدين ؟!
أم هو الإعتداد بالنفس أكثر مما ينبغي ؟!
أم هو الجهل بالبيئة التي نعيش فيها ؟!
أم هو الانخداع بالمظاهر التي تبدو عن بعد وقورة ؟!
ربما تتظافر كل تلك العوامل لتدفع بالمرء إلى السقوط في الهاوية ..
ولكن الله سـلـّـم ..
وتساءلت عن الفضيلة التي حفظني الله بسببها من السقوط ؟..
وأدركت أنها نظرات أمي ودعواتها لي باستمرار
فأنزل الله علي أمطار رحمته لتغسل قلبي ونفسي من كل أدران السقوط ..
وشكرت الله على أن منحني أما ً كأمي ..
فقد جعلت من منزلنا عشا ً طاهرا ً مفعما ً بالسلام ..
أجل يا من تنشدون الطهر والعفة في الحياة انتبهوا
من ابليس الذي يتربص بالجميع الدوائر ..
وقد نشر حباله في كل الطرقات ..
انتبهوا جيدا ً وكونوا على حذر
لتبق َ ثيابكم بيضاء ناصعة تتألق عفة وطهرا ً ..
أتمنى أن تعجبكم القصة ..
والأهم من ذلك أن نجني الفائدة ..
أبعدنا الله وإياكم عن حبائل الشيطان ..
دمتم بكل خير ..